القول في تأويل قوله تعالى: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} " اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْزَلَهَا عَلَيْهِ احْتِجَاجًا لَهُ عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ بِهِ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمَّا أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] فَتَلَا ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَسَمِعَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَمَا الْحُجَّةُ، وَالْبُرْهَانُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَنَحْنُ نُنْكِرُ ذَلِكَ، وَنَحْنُ نَزْعُمُ أَنَّ لَنَا آلِهَةً كَثِيرَةً؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} احْتِجَاجًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ قَالُوا مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015