ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: «لَمَّا وَضَعَتْهُ أَرْضَعَتْهُ ثُمَّ دَعَتْ لَهُ نَجَّارًا، فَجَعَلَ لَهُ تَابُوتًا، وَجَعَلَ مِفْتَاحَ التَّابُوتِ مِنْ دَاخِلٍ، وَجَعَلَتْهُ فِيهِ، فَأَلْقَتْهُ فِي الْيَمِّ» . وَأَوْلَى قَوْلٍ قِيلَ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ أُمَّ مُوسَى أَنْ تُرْضِعَهُ، فَإِذَا خَافَتْ عَلَيْهِ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ أَنْ تُلْقِيَهُ فِي الْيَمِّ. وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ خَافَتْهُمْ عَلَيْهِ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادِهَا إِيَّاهُ؛ وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ، فَقَدْ فَعَلَتْ مَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَا فِيهِ، وَلَا خَبَرَ قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ، وَلَا فِطْرَةَ فِي الْعَقْلِ لِبَيَانِ أَيِّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَيٍّ، فَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَالْيَمُّ الَّذِي أُمِرَتْ أَنْ تُلْقِيَهُ فِيهِ هُوَ النِّيلُ.