ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161] فَإِنَّهُ لَا يَتَلَاعَنُ اثْنَانِ مُؤْمِنَانِ وَلَا كَافِرَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمَ إِلَّا وَجَبَتْ تِلْكَ اللَّعْنَةُ عَلَى الْكَافِرِ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ، فَكُلُّ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ يَلْعَنُهُ " وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى اللَّهُ بِذَلِكَ جَمِيعَ النَّاسِ بِمَعْنَى لَعَنَهُمْ إِيَّاهُمْ بِقَوْلِهِمْ: لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمَ أَوِ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ لَا يُمْنَعُ مِنْ قِيلِ ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَمَنْ أَيِّ أَهْلِ مِلَّةٍ كَانَ، فَيَدْخُلُ بِذَلِكَ فِي لَعْنَتِهِ كُلُّ كَافِرٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَذَلِكَ بِمَعْنَى مَا قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ -[743]- عَمَّنْ شَهِدَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُمْ يَلْعَنُونَهُمْ، فَقَالَ: {وَمَنْ أَظْلِمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وَأَمَّا مَا قَالَهُ قَتَادَةُ مِنْ أَنَّهُ عَنَى بِهِ بَعْضَ النَّاسِ، فَقَوْلُ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ بِخِلَافِهِ، وَلَا بُرْهَانَ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ خَبَرٍ وَلَا نَظَرَ. فَإِنْ كَانَ ظَنٌّ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَلْعَنُونَ أَنْفُسَهُمْ وَلَا أَوْلِيَاءَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَلْعَنُونَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَمَعْلُومٌ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَلْعَنُونَ الظَّلَمَةَ، وَدَاخِلٌ فِي الظَّلَمَةِ كُلُّ كَافِرٍ بِظُلْمِهِ نَفْسِهِ، وَجُحُودِهِ نِعْمَةَ رَبِّهِ، وَمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015