وَقَوْلُهُ: {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [النمل: 91] يَقُولُ: وَلِرَبِّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مُلْكًا. فَإِيَّاهُ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ، لَا مَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا. وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} [النمل: 91] فَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ دُونَ سَائِرِ الْبُلْدَانِ، وَهُوَ رَبُّ الْبِلَادِ كُلِّهَا، لِأَنَّهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ بِذَلِكَ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِحْسَانَهُ إِلَيْهِمْ، وَأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ هُوَ الَّذِي حَرَّمَ بَلَدَهُمْ، فَمَنَعَ النَّاسَ مِنْهُمْ، وَهُمْ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ يَأْكُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا مَنْ لَمْ تُجَرَّ لَهُ عَلَيْهِمْ نِعْمَةٌ، وَلَا يَقْدِرُ لَهُمْ عَلَى نَفْعٍ وَلَا ضُرٍّ.