ثم قال تعالى ذكره: وأنا التواب الرحيم يقول: وأنا الذي أرجع بقلوب عبيدي المنصرفة عني إلي، والرادها بعد إدبارها عن طاعتي إلى طلب محبتي، والرحيم بالمقبلين بعد إقبالهم إلي أتغمدهم مني بعفو وأصفح عن عظيم ما كانوا اجترموا فيما بيني وبينهم بفضل رحمتي لهم.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 160] يَقُولُ: وَأَنَا الَّذِي أَرْجِعُ بِقُلُوبِ عَبِيدِي الْمُنْصَرِفَةِ عَنِّي إِلَيَّ، وَالرَّادُّهَا بَعْدَ إِدْبَارِهَا عَنْ طَاعَتِي إِلَى طَلَبِ مَحَبَّتِي، وَالرَّحِيمُ بِالْمُقْبِلِينَ بَعْدَ إِقْبَالِهِمْ إِلَيَّ أَتَغَمَّدُهُمْ مِنِّي بِعَفْو وَأَصْفَحُ عَنْ عَظِيمِ مَا كَانُوا اجْتَرَمُوا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِي لَهُمْ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يُتَابُ عَلَى مَنْ تَابَ؟ وَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 160] وَهَلْ يَكُونُ تَائِبٌ إِلَّا وَهُوَ مَتُوبٌ عَلَيْهِ أَوْ مَتُوبٌ عَلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ تَائِبٌ؟ قِيلَ: ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا إِلَّا وَالْآخَرُ مَعَهُ، فَسَوَاءٌ قِيلَ: إِلَّا الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ فَتَابُوا، أَوْ قِيلَ: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا فَإِنِّي أَتُوبُ عَلَيْهِمْ؛ وَقَدْ بَيِّنَّا وَجْهَ ذَلِكَ فِيمَا جَاءَ مِنَ الْكَلَامِ هَذَا الْمَجِيءَ فِي نَظِيرِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015