وقوله: بلسان عربي مبين يقول: لتنذر قومك بلسان عربي مبين، يبين لمن سمعه أنه عربي، وبلسان العرب نزل، والباء من قوله بلسان من صلة قوله: نزل، وإنما ذكر تعالى ذكره أنه نزل هذا القرآن بلسان عربي مبين في هذا الموضع، إعلاما منه مشركي قريش أنه أنزله كذلك

وَقَوْلُهُ: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] يَقُولُ: لِتُنْذِرَ قَوْمَكَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، يَبِينُ لِمَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ عَرَبِيُّ، وَبِلِسَانِ الْعَرَبِ نَزَلَ، وَالْبَاءُ مِنْ قَوْلِهِ {بِلِسَانٍ} [إبراهيم: 4] مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ: {نَزَلَ} [البقرة: 176] ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ نَزَلَ هَذَا الْقُرْآنُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، إِعْلَامًا مِنْهُ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ كَذَلِكَ، لِئَلَّا يَقُولُوا إِنَّهُ نَزَلَ بِغَيْرِ لِسَانِنَا، فَنَحْنُ إِنَّمَا نُعْرِضُ عَنْهُ وَلَا نَسْمَعُهُ، لِأَنَّا لَا نَفْهَمُهُ، وَإِنَّمَا هَذَا تَقْرِيعٌ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَالَ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ} [الشعراء: 5] . ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُعْرِضُوا عَنْهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَعَانِيهِ، بَلْ يَفْهَمُونَهَا، لِأَنَّهُ تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ بِلِسَانِهِمُ الْعَرَبِيِّ، وَلَكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ تَكْذِيبًا بِهِ وَاسْتِكْبَارًا {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الشعراء: 6] . كَمَا أَتَى هَذِهِ الْأُمَمَ الَّتِي قَصَصْنَا نَبَأَهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ حِينَ كَذَّبَتْ رُسُلَهَا أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يُكَذِّبُونَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015