القول في تأويل قوله تعالى: رب نجني وأهلي مما يعملون. فنجيناه وأهله أجمعين. إلا عجوزا في الغابرين يقول تعالى ذكره: فاستغاث لوط حين توعده قومه بالإخراج من بلدهم إن هو لم ينته عن نهيهم عن ركوب الفاحشة، فقال رب نجني وأهلي من عقوبتك إياهم على ما يعملون

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ. فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} [الشعراء: 170] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاسْتَغَاثَ لُوطٌ حِينَ تَوَعَّدَهُ قَوْمُهُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدِهِمْ إِنْ هُوَ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ نَهْيِهِمْ عَنْ رُكُوبِ الْفَاحِشَةِ، فَقَالَ {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي} [الشعراء: 169] مِنْ عُقُوبَتِكَ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا يَعْمَلُونَ مِنْ إِتْيَانِ الذُّكْرَانِ , {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ} [الأنبياء: 76] مِنْ عُقُوبَتِنَا الَّتِي عَاقَبْنَا بِهَا قَوْمَ لُوطٍ {أَجْمَعِينَ , إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} [الشعراء: 170] يَعْنِي فِي الْبَاقِينِ، لِطُولِ مُرُورِ السِّنِينَ عَلَيْهَا، فَصَارَتْ هَرِمَةً، فَإِنَّهَا أُهْلِكَتْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ لُوطٍ، لِأَنَّهَا كَانَتْ تَدُلُّ قَوْمَهَا عَلَى الْأَضْيَافِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا قِيلَ مِنَ الْغَابِرِينَ لِأَنَّهَا لَمْ تُهْلَكْ مَعَ قَوْمِهَا فِي قَرْيَتِهِمْ، وَأَنَّهَا إِنَّمَا أَصَابَهَا الْحَجَرُ بَعْدَ مَا خَرَجَتْ عَنْ قَرْيَتِهِمٍ مَعَ لُوطٍ وَابْنَتَيْهِ، فَكَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ بَعْدَ قَوْمِهَا، ثُمَّ أَهْلَكَهَا اللَّهُ بِمَا أَمْطَرَ عَلَى بَقَايَا قَوْمِ لُوطٍ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ إِعَادَتِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015