ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 153] قَالَ: مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ". وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ أَكَلَ مِنْ إِنْسٍ أَوْ دَابَّةٍ فَهُوَ مُسَحَّرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ سَحْرًا يَقْرِي مَا أَكَلَ فِيهِ، وَاسْتُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ لَبِيدٍ:

[البحر الطويل]

فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا ... عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ

وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ نَحْوَ هَذَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أُخِذَ مِنْ قَوْلِكَ: انْتَفَخَ سَحْرُكَ: أَيْ أَنَّكَ تَأْكُلُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَتُسَحَّرُ بِهِ وَتُعَلَّلُ. وَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِ لَبِيدٍ: مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُسَحَّرِ: مِنْ هَذَا الْأَنَامِ الْمُعَلَّلِ الْمَخْدُوعِ. قَالَ: وَيُرْوَى أَنَّ السِّحْرَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَالْخَدِيعَةِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مَعْنَاهُ: إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ يُعَلَّلُونَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلَنَا، وَلَسْتَ رَبًّا وَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015