القول في تأويل قوله تعالى: إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم يقول تعالى ذكره: إن فيما فعلنا يا محمد بنوح ومن معه من المؤمنين في الفلك المشحون، حين أنزلنا بأسنا وسطوتنا بقومه الذين كذبوه، لآية لك ولقومك المصدقيك منهم

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 9] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِيمَا فَعَلْنَا يَا مُحَمَّدُ بِنُوحٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، حِينَ أَنْزَلْنَا بَأْسَنَا وَسَطْوَتَنَا بِقَوْمِهِ الَّذِينَ كَذَبُوهُ، لَآيَةً لَكَ وَلِقَوْمِكَ الْمُصَدِّقِيكَ مِنْهُمْ وَالْمُكَذِّبِيكَ، فِي أَنَّ سُنَّتَنَا تَنْجِيَةُ رُسُلِنَا وَأَتْبَاعَهُمْ إِذَا نَزَلَتْ نِقْمَتُنَا -[606]- بِالْمُكَذِّبِينَ بِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَإِهْلَاكِ الْمُكَذِّبِينَ بِاللَّهِ، وَكَذَلِكَ سُنَّتِي فِيكَ وَفِي قَوْمِكَ. {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 8] يَقُولُ: وَلَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ قَوْمِكَ بِالَّذِينَ يُصَدِّقُونَكَ مِمَّا سَبَقَ فِي قَضَاءِ اللَّهِ أَنَّهُمْ لَنْ يُؤْمِنُوا. {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ} [الشعراء: 9] فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ، وَخَالَفَ أَمَرَهُ {الرَّحِيمُ} [الفاتحة: 1] بِالتَّائِبِ مِنْهُمْ، أَنْ يُعَاقِبَهُ بَعْدَ تَوْبَتِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015