وَالْأَمْرُ بِالطَّوَافِ بِهِمَا، وَالتَّرْخِيصُ فِي الطَّوَافِ بِهِمَا غَيْرُ جَائِزٍ اجْتِمَاعُهُمَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ؟ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ أَقْوَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ تَخَوَّفَ أَقْوَامٌ كَانُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لِصَنَمَيْنِ كَانَا عَلَيْهِمَا تَعْظِيمًا مِنْهُمْ لَهُمَا فَقَالُوا: وَكَيْفَ نَطُوفُ بِهِمَا وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ تَعْظِيمَ الْأَصْنَامِ وَجَمِيعَ مَا كَانَ يُعْبَدُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شِرْكٌ؟ فَفِي طَوَافِنَا بِهَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ أَحَدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ لِلصَّنَمَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا عَلَيْهِمَا، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ الْيَوْمَ وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَعْظِيمِ شَيْءٍ مَعَ اللَّهِ بِمَعْنَى الْعِبَادَةِ لَهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] يَعْنِي أَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا، فَتَرَكَ ذِكْرَ الطَّوَافَ بِهِمَا اكْتِفَاءً بِذِكْرِهِمَا عَنْهُ. وَإِذْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ أَنَّ مَعْنَاهُ: مِنْ مَعَالِمِ اللَّهِ الَّتِي جَعَلَهَا عَلَمًا لِعِبَادِهِ يَعْبُدُونَهُ عِنْدَهُمَا بِالطَّوَافِ بَيْنَهُمَا وَيَذْكُرُونَهُ عَلَيْهِمَا وَعِنْدَهُمَا بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الذِّكْرِ، فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا يَتَخَوَّفَنَّ الطَّوَافَ بِهِمَا مِنْ أَجْلِ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ بِهِمَا مِنْ أَجْلِ الصَّنَمَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا عَلَيْهِمَا، فَإِنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ كَانُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا كُفْرًا، وَأَنْتُمْ تَطُوفُونَ بِهِمَا إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا لِرَسُولِي وَطَاعَةً لِأَمْرِي، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي الطَّوَافِ بِهِمَا. وَالْجَنَاحُ: الْإِثْمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015