الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرَهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 9] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْحُجَجِ الَّتِي ذَكَرْنَا لَهُ لَدَلَالَةً بَيِّنَةً وَاضِحَةً لِمَنِ اعْتَبَرَ، عَلَى أَنَّ سَنَةَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ الَّذِينَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّةِ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْآلِهَةِ، وَيَقْتَدُونَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا سَنَّ فِيهِمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، مِنْ كَبْكَبَتِهِمٍ وَمَا عَبَدُوا مِنْ دُونِهِ مَعَ جُنُودِ إِبْلِيسَ فِي الْجَحِيمِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَهُمْ فِي سَابِقِ عَلِمِهِ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ لَهُوَ الشَّدِيدُ الِانْتِقَامِ مِمَّنْ عَبَدَ دُونَهُ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْ كُفْرِهِ حَتَّى هَلَكَ، الرَّحِيمُ بِمَنْ تَابَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى مَا كَانَ سَلَفَ مِنْهُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ مِنْ إِثْمٍ وَجُرْمٍ.