الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ. فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 76] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِقَوْمِهِ: أَفَرَأَيْتُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَامِ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ، يَعْنِي بِالْأَقْدَمِينَ: الْأَقْدَمِينَ مِنَ الَّذِينَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يُخَاطِبُهُمْ، وَهُمُ الْأَوَّلُونَ قَبْلَهُمْ مِمَّنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الَّذِينَ كَلَّمَهُمْ إِبْرَاهِيمُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ. فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ. يَقُولُ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يُوصَفُ الْخَشَبُ وَالْحَدِيدُ وَالنُّحَاسُ بِعَدَاوَةِ ابْنِ آدَمَ؟ فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي لَوْ عَبَدْتُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا. كَلَّا، سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًا} [مريم: 81]