وَقَوْلُهُ {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} [الشعراء: 56] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ -[577]- قُرَّاءِ الْكُوفَةِ {وَإِنَّا لَجَمِيعُ حَاذِرُونَ} [الشعراء: 56] بِمَعْنَى: أَنَّهُمْ مُعَدُّونَ مُؤَدُّونَ ذُوُو أَدَاةٍ وَقُوَّةٍ وَسِلَاحٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ: (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ) ، بِغَيْرِ أَلْفٍ. وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: كَأَنَّ الْحَاذِرَ الَّذِي يَحْذَرُكَ الْآنَ، وَكَأَنَّ الْحَذِرَ الْمَخْلُوقُ حَذِرًا لَا تَلْقَاهُ إِلَّا حَذِرًا. وَمِنَ الْحَذَرِ قَوْلُ ابْنِ أَحْمَرَ:
[البحر السريع]
هَلْ أُنسَأَنْ يَوْمًا إِلَى غَيْرِهِ ... إِنِّي حَوَالِيٌّ وَإِنِّي حَذِرْ
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِيهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ