الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ. فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ. قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ. قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ، فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الشعراء: 46] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ} [الشعراء: 45] حِينَ أَلْقَتِ السَّحَرَةُ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ. {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} [الأعراف: 117] ، يَقُولُ: فَإِذَا عَصَا مُوسَى تَزْدَرِدُ مَا يَأْتُونَ بِهِ مِنَ الْفِرْيَةِ وَالسِّحْرِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَخَايِيلُ وَخُدْعَةٌ. {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الشعراء: 46] يَقُولُ: فَلَمَّا تَبَيَّنَ السَّحَرَةُ أَنَّ الَّذِيَ جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى حَقٌّ لَا سِحْرٌ، وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ الَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ، خَرُّوا لِوُجُوهِهِمْ سُجَّدًا لِلَّهِ، مُذْعِنِينَ لَهُ بِالطَّاعَةِ، مُقِرِّينَ لِمُوسَى بِالَّذِي أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ