ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] قَالَ: «اللَّغْوُ كُلُّهُ الْمَعَاصِي» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَدَحَهُمْ بِأَنَّهُمْ إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا , وَاللَّغْوُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ كُلُّ كَلَامٍ أَوْ فِعْلٍ بَاطِلٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَا أَصْلَ , أَوْ مَا يُسْتَقْبَحُ؛ فَسَبُّ الْإِنْسَانِ الْإِنْسَانَ بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ مِنَ اللَّغْوِ. وَذَكَرَ النِّكَاحَ بِصَرِيحِ اسْمِهِ مِمَّا يُسْتَقْبَحُ فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ , فَهُوَ مِنَ اللَّغْوِ , وَكَذَلِكَ تَعْظِيمُ الْمُشْرِكِينَ آلِهَتَهُمْ مِنَ الْبَاطِلِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لِمَا عَظَّمُوهُ عَلَى نَحْوِ مَا عَظَّمُوهُ , وَسَمَاعُ الْغِنَاءِ مِمَّا هُوَ مُسْتَقْبَحٌ فِي أَهْلِ الدِّينِ , فَكُلُّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي مَعْنَى اللَّغْوِ , فَلَا وَجْهَ إِذْ -[526]- كَانَ كُلُّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ اسْمُ اللَّغْوِ أَنْ يُقَالَ: عَنِيَ بِهِ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ , إِذْ لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِ ذَلِكَ دَلَالَةٌ مِنْ خَبَرٍ أَوْ عَقْلٍ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَإِذَا مَرُّوا بِالْبَاطِلِ فَسَمِعُوهُ أَوْ رَأَوْهُ , مَرُّوا كِرَامًا؛ مُرُورُهُمْ كِرَامًا فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَسْمَعُوهُ , وَذَلِكَ كَالْغِنَاءِ. وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ بِأَنْ يُعْرِضُوا عَنْهُ وَيَصْفَحُوا , وَذَلِكَ إِذَا أُوذُوا بِإِسْمَاعِ الْقَبِيحِ مِنَ الْقَوْلِ. وَفِي بَعْضِهِ بِأَنْ يَنْهَوْا عَنْ ذَلِكَ , وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَوْا مِنَ الْمُنْكَرِ مَا يُغَيَّرُ بِالْقَوْلِ فَيُغَيِّرُوهُ بِالْقَوْلِ. وَفِي بَعْضِهِ بِأَنْ يُضَارِبُوا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ , وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَوْا قَوْمًا يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى قَوْمٍ , فَيَسْتَصْرِخُهُمُ الْمُرَادُ ذَلِكَ مِنْهُمْ , فَيُصْرِخُونَهُمْ , وَكُلُّ ذَلِكَ مُرُورُهُمْ كِرَامًا