قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَصْلُ الزُّورِ تَحْسِينُ الشَّيْءِ , وَوَصَفُهُ بِخِلَافِ صِفَتِهِ , حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَى مَنْ يَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ أَنَّهُ خِلَافَ مَا هُوَ بِهِ , وَالشِّرْكُ قَدْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّهُ مُحَسَّنٌ لِأَهْلِهِ , حَتَّى قَدْ ظَنُّوا أَنَّهُ حَقٌّ , وَهُوَ بَاطِلٌ , وَيَدْخُلُ فِيهِ الْغِنَاءُ , لِأَنَّهُ أَيْضًا مِمَّا يُحَسِّنُهُ تَرْجِيعُ الصَّوْتِ , حَتَّى يَسْتَحْلِيَ سَامِعُهُ سَمَاعَهُ , وَالْكَذِبُ أَيْضًا قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ , لِتَحْسِينِ صَاحِبِهِ إِيَّاهُ , حَتَّى يُظِنَّ صَاحِبَهُ أَنَّهُ حَقٌّ , فَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الزُّورِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِهِ أَنْ يُقَالَ: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ شَيْئًا مِنَ الْبَاطِلِ , لَا شِرْكًا , وَلَا غِنَاءً , وَلَا كَذِبًا وَلَا غَيْرَهُ , وَكُلُّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الزُّورِ , لِأَنَّ اللَّهَ عَمَّ فِي وَصَفِهِ إِيَّاهُمْ , أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَّا بِحَجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا , مِنْ خَبَرٍ أَوْ عَقْلٍ