القول في تأويل قوله تعالى: ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا. فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا يقول تعالى ذكره: ولو شئنا يا محمد لأرسلنا في كل مصر ومدينة نذيرا ينذرهم بأسنا على كفرهم بنا، فيخف عنك كثير من أعباء ما حملناك منه، ويسقط عنك بذلك

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا. فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَوْ شِئْنَا يَا مُحَمَّدُ لَأَرْسَلْنَا فِي كُلِّ مِصْرٍ وَمَدِينَةٍ نَذِيرًا يُنْذِرُهُمْ بَأْسَنَا عَلَى كُفْرِهِمْ بِنَا، فَيَخِفُّ عَنْكَ كَثِيرٌ مِنْ أَعْبَاءِ مَا حَمَّلْنَاكَ مِنْهُ، وَيَسْقُطُ عَنْكَ بِذَلِكَ مُؤْنَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَكِنَّا حَمَّلْنَاكَ ثِقَلَ نِذَارَةَ جَمِيعِ الْقُرَى لِتَسْتَوْجِبَ بِصَبْرِكَ عَلَيْهِ إِنْ صَبَرْتَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ وَالْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ قِبَلَهُ. فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ فِيمَا يَدْعُونَكَ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ فَنُذِيقَكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضَعُفَ الْمَمَاتِ، وَلَكِنْ جَاهِدْهُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ جِهَادًا كَبِيرًا، حَتَّى يَنْقَادُوا لِلْإِقْرَارِ بِمَا فِيهِ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَيَدِينُوا بِهِ وَيَذْعَنُوا لِلْعَمَلِ بِجَمِيعِهِ طَوْعًا وَكَرْهًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ} [الفرقان: 52] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015