القول في تأويل قوله تعالى: وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته، وأنزلنا من السماء ماء طهورا. لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا يقول تعالى ذكره: والله الذي أرسل الرياح الملقحة بشرا حياة أو من الحيا والغيث الذي هو منزله على

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا. لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا} [الفرقان: 49] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ الْمُلَقِّحَةَ {بُشْرًا} [الأعراف: 57] حَيَاةً أَوْ مِنَ الْحَيَا وَالْغَيْثِ الَّذِي هُوَ مُنْزِلُهُ عَلَى عِبَادِهِ {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] يَقُولُ: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّحَابِ الَّذِي أَنْشَأْنَاهُ بِالرِّيَاحِ مِنْ فَوْقِكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مَاءً طَهُورًا. {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [الفرقان: 49] يَعْنِي أَرْضًا قَحِطَةً عَذِيَّةً لَا تُنْبِتُ. وَقَالَ {بَلْدَةً مَيْتًا} [الفرقان: 49] وَلَمْ يَقُلْ مَيْتَةَ، لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ لِنُحْيِيَ بِهِ مَوْضِعًا وَمَكَانًا مَيِّتًا {وَنُسْقِيَهُ} [الفرقان: 49] مِنْ خَلِقْنَا {أَنْعَامًا} [الفرقان: 49] مِنَ الْبَهَائِمِ {وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا} [الفرقان: 49] يَعْنِي الْأَنَاسِيَّ: جَمْعَ إِنْسَانٍ وَجَمْعَ أَنَاسِيٍّ، فَجَعَلَ الْيَاءَ عِوَضًا مِنَ النُّونِ الَّتِي فِي إِنْسَانٍ، وَقَدْ يُجْمَعُ إِنْسَانٌ: أَنَاسِينَ، كَمَا يُجْمَعُ النَّشْيَانُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015