فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَأَيَّةُ حُجَّةٍ كَانَتْ لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي تَوَجُّهِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ إِلَى الْكَعْبَةِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حُجَّةٌ فِيمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِهِ أَوْ نَهَاهُمْ عَنْهُ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا تَوَهَّمْتُ وَذَهَبْتُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْخُصُومَةُ وَالْجِدَالُ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: لِئَلَّا يَكُونَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ عَلَيْكُمْ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى بَاطِلَةٌ غَيْرَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ دَعْوَى بَاطِلَةً وَخُصُومَةً بِغَيْرِ حَقٍّ بِقِيلِهِمْ لَكُمْ: رَجَعَ مُحَمَّدٌ إِلَى قِبْلَتِنَا وَسَيَرْجُعُ إِلَى دِينِنَا. فَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَأَمَانِيهِمُ الْبَاطِلَةُ هِيَ الْحُجَّةُ الَّتِي كَانَتْ لِقُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ؛ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ غَيْرِهِمْ، إِذْ نَفَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي قِبْلَتِهِمُ الَّتِي وَجَّهَهُمْ إِلَيْهَا حُجَّةٌ وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ