الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [النور: 44] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَلَمْ تَرَ} [البقرة: 243] يَا مُحَمَّدُ {أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي} [النور: 43] يَعْنِي يَسُوقُ {سَحَابًا} [الأعراف: 57] حَيْثُ يُرِيدُ. {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} [النور: 43] يَقُولُ: ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَ السَّحَابِ. وَأَضَافَ (بَيْنَ) إِلَى السَّحَابِ، وَلَمْ يُذْكَرْ مَعَ غَيْرِهِ، و (بَيْنَ) لَا تَكُونُ مُضَافَةً إِلَّا إِلَى جَمَاعَةٍ أَوِ اثْنَيْنِ، لِأَنَّ السَّحَابَ فِي مَعْنَى جَمْعٍ، وَاحِدُهُ سَحَابَةٌ، كَمَا يُجْمَعُ النَّخْلَةُ: نَخْلٌ، وَالتَّمْرَةُ تَمْرٌ، فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ قَائِلٍ: جَلَسَ فُلَانٌ بَيْنَ النَّخْلِ. وَتَأْلِيفُ اللَّهِ السَّحَابَ: جَمْعُهُ بَيْنَ مُتَفَرِّقِهَا. وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} [النور: 43] يَقُولُ: ثُمَّ يَجْعَلُ السَّحَابَ الَّذِي يُزْجِيهِ وَيُؤَلِّفُ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ {رُكَامًا} [النور: 43] يَعْنِي: مُتَرَاكِمًا بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ