حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} قَالَ: " صَلَاتُهُ: لِلنَّاسِ، وَتَسْبِيحُهُ: عَامَّةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ " وَيَتَوَجَّهُ قَوْلُهُ: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: {صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] مِنْ ذِكْرِ {كُلٌّ} [النور: 41] ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ: كُلٌّ مُصَلٍّ وَمُسَبِّحٌ مِنْهُمْ , قَدْ عَلِمَ اللَّهُ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ، وَيَكُونُ (الْكَلُّ) حِينَئِذٍ مُرْتَفِعًا بِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] وَهُوَ الْهَاءُ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ أَيْضًا لِـ (الْكَلِّ) ، وَيَكُونُ (الْكَلُّ) مُرْتَفِعًا بِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرِهِ عَلَيْهِ فِي {عَلِمَ} [النور: 41] وَيَكُونُ {عَلِمَ} [النور: 41] فِعْلًا لِـ (الْكَلِّ) ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: قَدْ عَلِمَ كُلُّ مُصَلٍّ وَمُسَبِّحٌ مِنْهُمْ صَلَاةَ نَفْسِهِ , وَتَسْبِيحَهُ الَّذِي كَلَّفَهُ , وَأَلْزَمَهُ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَالْعِلْمُ لِـ (الْكَل) ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: قَدْ عَلِمَ كُلُّ مُسَبِّحٍ وَمُصَلٍّ صَلَاةَ اللَّهِ الَّتِي كَلَّفَهُ إِيَّاهَا، وَتَسْبِيحَهُ. وَأَظْهَرُ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: كُلُّ مُصَلٍّ مِنْهُمْ وَمُسَبِّحٌ، قَدْ عَلِمَ اللَّهُ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ