ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ -[297]- الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} قَالَ: «فَبَدَأَ بِنُورِ نَفْسِهِ، فَذَكَرَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ نُورَ الْمُؤْمِنِ» وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْلَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُقَيْبَ قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [النور: 34] فَكَانَ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ مَوْقِعٍ يَقَعُ تَنْزِيلُهُ مِنْ خَلْقِهِ , وَمَنْ مَدَحَ مَا ابْتَدَأَ بِذِكْرِ مَدْحِهِ، أَوْلَى وَأَشْبَهُ، مَا لَمْ يَأْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى انْقِضَاءِ الْخَبَرِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ {وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [النور: 34] فَهَدَيْنَاكُمْ بِهَا، وَبَيَّنَّا لَكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ بِهَا، لِأَنِّي هَادِيَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ. وَتَرَكَ وَصْلَ الْكَلَامِ بِاللَّامِ، وَابْتَدَأَ الْخَبَرَ عَنْ هِدَايَةِ خَلْقِهِ ابْتِدَاءً، وَفِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْتُ، اسْتِغْنَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ. ثُمَّ ابْتَدَأَ فِي الْخَبَرِ عَنْ مَثَلِ هِدَايَتِهِ خَلْقَهُ بِالْآيَاتِ الْمُبَيِّنَاتِ الَّتِي أَنْزَلَهَا إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: 35] يَقُولُ: مَثَلُ مَا أَنَارَ مِنَ الْحَقِّ بِهَذَا التَّنْزِيلِ فِي بَيَانِهِ كَمِشْكَاةٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِالْهَاءِ فِي قَوْلِهِ: {مَثَلُ نُورِهِ} [النور: 35] عَلَامَ هِيَ عَائِدَةٌ؟ وَمِنْ ذِكْرِ مَا هِيَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مِنْ ذِكْرِ الْمُؤْمِنِ. وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: مَثَلُ نُورِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ مَثَلُ مِشْكَاةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015