الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم} [النور: 32] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَزَوِّجُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنْ أَحْرَارِ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ، وَمِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ عَبِيدِكُمِ وَمَمَالِيكِكُمْ. وَالْأَيَامَى: جَمْعُ أَيِّمٍ، وَإِنَّمَا جُمِعَ أَيَامَى , لِأَنَّهَا فَعِيلَةٌ فِي الْمَعْنَى، فَجُمِعَتْ كَذَلِكَ كَمَا جُمِعَتِ الْيَتِيمَةُ: يَتَامَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَمِيلٍ:
[البحر الطويل]
أُحِبُّ الْأَيَامَى إِذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمٌ ... وَأَحْبَبْتُ لَمَّا أَنْ غَنِيتِ الْغَوَانِيَا
وَلَوْ جُمِعَتْ أَيَائِمَ كَانَ صَوَابًا. وَالْأَيِّمُ يُوصَفُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، يُقَالُ: رَجُلٌ أَيِّمٌ، وَامْرَأَةٌ أَيِّمٌ وَأَيِّمَةٌ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
فَإِنْ تَنْكِحِي أَنْكِحْ وَإِنْ تَتَأَيَّمِي ... وَإِنْ كُنْتُ أَفْتَى مِنْكُمُ أَتَأَيَّمِ
{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} [النور: 32] يَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تُنْكِحُونَهُمْ مِنْ أَيَامَى رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ وَعَبِيدِكُمْ وَإِمَائِكُمْ أَهْلَ فَاقَةٍ وَفَقْرٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يُغْنِيهِمْ مِنْ فَضْلِهِ، فَلَا يَمْنَعَنَّكُمْ فَقْرُهُمْ مِنْ إِنْكَاحِهِمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ