الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 8] يَعْنِي جَلَّ ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 7] وَيَدْفَعُ عَنْهَا الْحَدَّ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعَذَابِ الَّذِي عَنَاهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ يَدْرَؤُهُ عَنْهَا شَهَادَاتُهَا الْأَرْبَعُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، مِنْ أَنَّ الْحَدَّ جَلْدُ مِائَةٍ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا , أَوِ الرَّجْمُ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا قَدْ أَحْصَنْتَ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ الْحَبْسُ، وَقَالُوا: الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا إِنْ هِيَ لَمْ تَشْهَدِ الشَّهَادَاتِ الْأَرْبَعَ بَعْدَ شَهَادَاتِ الزَّوْجِ الْأَرْبَعِ وَالْتِعَانِهِ: الْحَبْسُ دُونَ الْحَدِّ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: الْوَاجِبُ عَلَيْهَا إِذَا هِيَ امْتَنَعَتْ مِنَ الِالْتِعَانِ بَعْدَ الْتِعَانِ الزَّوْجِ الْحَدُّ الَّذِي وَصَفْنَا، قِيَاسًا عَلَى إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ إِذَا زَالَ عَنِ الزَّوْجِ بِالشَّهَادَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى تَصْدِيقِهِ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ، أَنَّ الْحَدَّ عَلَيْهَا وَاجِبٌ، فَجَعَلَ اللَّهُ أَيْمَانَهُ الْأَرْبَعَ وَالْتِعَانَهُ فِي الْخَامِسَةِ مَخْرَجًا لَهُ مِنَ الْحَدِّ الَّذِي يَجِبُ لَهَا بِرَمْيِةِ