الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَي: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ} [البقرة: 120] وَلَئِنِ الْتَمَسْتَ يَا مُحَمَّدُ رِضَا هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ: {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} [البقرة: 135] ، فَاتَّبَعْتَ قِبْلَتَهُمْ يَعْنِي فَرَجَعْتَ إِلَى قِبْلَتِهِمْ. ويعني بِقَوْلِهِ: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 145] مِنْ بَعْدِ مَا وَصَلَ إِلَيْكَ مِنَ الْعِلْمِ بِإِعْلَامِي إِيَّاكَ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى بَاطِلٍ وَعَلَى عِنَادٍ مِنْهُمْ لِلْحَقِّ وَمَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي وَجَّهْتُكَ إِلَيْهَا هِيَ الْقِبْلَةُ الَّتِي فَرَضْتُ عَلَى أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسَائِرِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ الرُّسُلِ التَّوَجُّهَ نَحْوَهَا؛ {إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145] يَعْنِي أَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ مِنْ عِبَادِي الظَّلَمَةِ أَنْفُسَهُمُ الْمُخَالِفِينَ أَمْرِي، وَالتَّارِكِينَ طَاعَتِي، وَأَحَدُهُمْ، وَفِي عِدَادِهِمْ