فَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ، فَتَرْفَعُ الْمُحْسِنَ إِذَا جَعَلْتَ فَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ بِالْفَاءِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ: مَرَرْتُ بِأَخِيكَ هُوَ الْمُحْسِنُ، فَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ. وَلَوْ جُعِلَ الْكَلَامُ بِالْوَاوِ فَقِيلَ: وَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ وَجْهُ الْكَلَامِ فِي «الْمُحْسِنِ» إِلَّا الْخَفْضُ عَلَى النَّعْتِ لِلْأَخِ، وَلِذَلِكَ لَوْ جَاءَ «فَتَعَالَى» بِالْوَاوِ كَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ فِي عَالِمِ الْغَيْبِ الْخَفْضَ عَلَى الِإِتْبَاعِ لِإِعْرَابِ اسْمِ اللَّهِ، وَكَانَ يَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَتَعَالَى فَيَكُونُ قَوْلُهُ: «وَتَعَالَى» ، حِينَئِذٍ مَعْطُوفًا عَلَى {سُبْحَانَ اللَّهِ} [المؤمنون: 91] . وَقَدْ يَجُوزُ الْخَفْضُ مَعَ الْفَاءِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَبْدَأُ الْكَلَامَ بِالْفَاءِ، كَابْتِدَائِهَا بِالْوَاوِ. وَبِالْخَفْضِ كَانَ يَقْرَأُ: {عَالِمِ الْغَيْبِ} [الأنعام: 73] فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَبُو عَمْرٍو، وَعَلَى خِلَافِهِ فِي ذَلِكَ قَرَأَةُ الْأَمْصَارِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا: الرَّفْعُ، لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِجْمَاعُ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: صِحَّتُهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ