الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [المؤمنون: 73] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْ تَسْأَلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ قَوْمِكَ خَرَاجًا، يَعْنِي أَجْرًا عَلَى مَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ النَّصِيحَةِ وَالْحَقِّ؛ {فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] فَأَجْرُ رَبِّكَ عَلَى نَفَاذِكَ لِأَمْرِهِ، وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَجْرًا , قَالَ لَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ لَهُ، وَأَمَرَهُ بِقِيلِهِ لَهُمْ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: أَمْ تَسْأَلُهُمْ عَلَى مَا جِئْتَهُمْ بِهِ أَجْرًا، فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ إِذَا تَلَوْتَهُ عَلَيْهِمْ، مُسْتَكْبِرِينَ بِالْحَرَمِ، فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ