الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 67] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ هَذِهِ النِّعَمَ، هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ أَجْسَامًا أَحْيَاءً , بِحَيَاةٍ أَحْدَثَهَا فِيكُمْ، وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا، ثُمَّ هُوَ يُمِيتُكُمْ مِنْ بَعْدِ حَيَاتِكُمْ فَيُفْنِيكُمْ عِنْدَ مَجِيءِ آجَالِكُمْ , ثُمَّ يُحْيِيكُمْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ عِنْدَ بَعْثِكُمْ لَقِيَامِ السَّاعَةِ {إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ} [الحج: 66] يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَجَحُودٌ لِنِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ خَلْقِهِ إِيَّاهُ، وَتَسْخِيرِهِ لَهُ مَا سَخَّرَ مِمَّا فِي الْأَرْضِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَتَرْكِهِ إِهْلَاكَهُ بِإِمْسَاكِهِ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ بِعِبَادَتِهِ غَيْرَهُ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَنْدَادِ، وَتَرْكِهِ إِفْرَادَهُ بِالْعِبَادَةِ , وَإِخْلَاصَ التَّوْحِيدِ لَهُ