الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [الحج: 61] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ} [البقرة: 2] هَذَا النَّصْرُ الَّذِي أَنْصُرُهُ عَلَى مَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ عَلَى الْبَاغِي، لِأَنِّي الْقَادِرُ عَلَى مَا أَشَاءُ. فَمِنْ قُدْرَتِهِ أَنَّ اللَّهَ {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} [الحج: 61] يَقُولُ: يُدْخِلُ مَا يَنْقُصُ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ فِي سَاعَاتِ النَّهَارِ، فَمَا نَقَصَ مِنْ هَذَا زَادَ فِي هَذَا {وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [الحج: 61] وَيُدْخِلُ مَا انْتَقَصَ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ، فَمَا نَقَصَ مِنْ طُولِ هَذَا زَادَ فِي طُولِ هَذَا، وَبِالْقُدْرَةِ الَّتِي يَفْعَلُ ذَلِكَ يَنْصُرُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ عَلَى الَّذِينَ بَغَوْا عَلَيْهِمْ , فَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. يَقُولُ: وَفَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنَّهُ ذُو سَمْعٍ لِمَا يَقُولُونَ مِنْ قَوْلٍ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ، لَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْهُ شَيْءٌ، كُلُّ ذَلِكَ مَعَهُ بِمَرْأًى وَمَسْمَعٍ، وَهُوَ الْحَافِظُ لِكُلِّ ذَلِكَ، حَتَّى يُجَازِي جَمِيعَهُمْ عَلَى مَا قَالُوا وَعَمِلُوا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍجَزَاءَهُ