حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143] «قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ،» لِنُمَيِّزَ أَهْلَ الْيَقِينِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالرِّيبَةِ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْعَرَبَ تَضَعُ الْعِلْمَ مَكَانَ الرُّؤْيَةِ، وَالرُّؤْيَةَ مَكَانَ الْعِلْمِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] فَزَعَمَ أَنَّ مَعْنَى: {أَلَمْ تَرَ} [الفيل: 1] أَلَمْ تَعْلَمْ، وَزَعَمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {إِلَّا لِنَعْلَمَ} [البقرة: 143] بِمَعْنَى: إِلَّا لَنَرَى مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ. وَزَعَمَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: رَأَيْتُ وَعَلِمْتُ وَشَهِدْتُ حُرُوفٌ تَتَعَاقَبُ فَيُوضَعُ بَعْضُهَا مَوْضِعَ بَعْضٍ، كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ: كَأَنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ لَقِيطًا، وَحَاجِبًا، وَعَمْرَو بْنَ عَمْرٍو إِذَا دَعَا يَالَ دَارِمِ بِمَعْنَى: كَأَنَّكَ لَمْ تَعْلَمْ لَقِيطًا؛ لِأَنَّ بَيْنَ هَلْكِ لَقِيطٍ، وَحَاجِبٍ وَزَمانِ جَرِيرٍ مَا لَا يَخْفَى بَعْدُهُ مِنَ الْمُدَّةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ هَلَكُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَجَرِيرٌ كَانَ بَعْدَ