ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [البقرة: 251] يَقُولُ: " دَفْعُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي الشَّهَادَةِ، وَفِي الْحَقِّ، وَفِيمَا يَكُونُ مِنْ قِبَلِ هَذَا. يَقُولُ: لَوْلَاهُمْ لَأُهْلِكَتْ هَذِهِ الصَّوَامِعُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا دِفَاعَهُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، لَهُدِّمَ مَا ذَكَرَ، مِنْ دَفْعِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، -[580]- وَكَفِّهِ الْمُشْرِكِينَ بِالْمُسْلِمِينَ عَنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ كَفُّهُ بِبَعْضِهِمُ التَّظَالُمَ، كَالسُّلْطَانِ الَّذِي كَفَّ بِهِ رَعِيَّتَهُ عَنِ التَّظَالُمِ بَيْنَهُمْ؛ وَمِنْهُ كَفُّهُ لِمَنْ أَجَازَ شَهَادَتَهُ بَيْنَهُمْ بِبَعْضِهِمْ عَنِ الذَّهَابِ بِحَقِّ مَنْ لَهُ قِبَلَهُ حَقٌّ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَكُلُّ ذَلِكَ دَفْعٌ مِنْهُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، لَوْلَا ذَلِكَ لَتَظَالَمُوا، فَهَدَّمَ الْقَاهِرُونَ صَوَامِعَ الْمَقْهُورِينَ , وَبِيَعَهُمْ , وَمَا سَمَّى جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَلَمْ يَضَعِ اللَّهُ تَعَالَى دَلَالَةً فِي عَقْلٍ عَلَى أَنَّهُ عَنَى مِنْ ذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، وَلَا جَاءَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ خَبَرٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ، فَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْعُمُومِ , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْتُهُ قَبْلُ , لِعُمُومِ ظَاهِرِ ذَلِكَ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا