الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَدْعُو هَذَا الْمُنْقَلَبُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ أَنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ آلِهَةً لَضَرُّهَا فِي الْآخِرَةِ لَهُ، أَقْرَبُ وَأَسْرَعُ إِلَيْهِ مِنْ نَفْعِهَا. وَذُكِرَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقْرَؤُهُ: «يَدْعُو مَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَوْضِعِ {مَنْ} [البقرة: 4] ، فَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَقُولُ: مَوْضِعُهُ نَصْبٌ بِـ {يَدْعُو} [البقرة: 221] ، وَيَقُولُ: مَعْنَاهُ: يَدْعُو لَآلِهَةٌ ضَرُّهَا أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهَا، وَيَقُولُ: هُوَ شَاذُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْكَلَامِ: يَدْعُو لَزَيْدًا. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ يَقُولُ: اللَّامُ مِنْ صِلَةِ مَا بَعْدَ {مَنْ} [البقرة: 4] ، كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُ: يَدْعُو مَنْ لَضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ. وَحُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا مِنْهَا: عِنْدِي لَمَا غَيْرُهُ خَيْرٌ مِنْهُ، بِمَعْنَى: عِنْدِي مَا لَغَيْرُهُ خَيْرٌ مِنْهُ , وَأَعْطَيْتُكَ لَمَا غَيْرُهُ خَيْرٌ مِنْهُ، بِمَعْنَى: مَا لَغَيْرُهُ خَيْرٌ مِنْهُ. وَقَالَ: جَائِزٌ فِي كُلِّ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهِ الْإِعْرَابُ الِاعْتِرَاضُ بِاللَّامِ دُونَ الِاسْمِ.