وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا} [الحج: 2] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: يَوْمَ تَرَوْنَ أَيُّهَا النَّاسُ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ تُذْهِلُ مِنْ عِظَمِهَا كُلَّ مُرْضِعَةِ مَوْلُودٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {تَذْهَلُ} [الحج: 2] تَنْسَى وَتَتْرُكَ مِنْ شِدَّةِ كَرْبِهَا، يُقَالُ: ذَهَلْتُ عَنْ كَذَا أَذْهَلُ عَنْهُ ذُهُولًا وَذَهِلْتُ أَيْضًا، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَالْفَصِيحُ: الْفَتْحُ فِي الْهَاءِ، فَأَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْهَاءُ مَفْتُوحَةٌ فِي اللُّغَتَيْنِ، لَمْ يُسْمَعْ غَيْرُ ذَلِكَ , وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
صَحَا قَلْبُهُ يَا عَزَّ أَوْ كَادَ يَذْهَلُ
فَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ أَنَّ الْهَوْلَ أَنْسَاهُ وَسَلَّاهُ، قُلْتَ: أَذْهَلَهُ هَذَا الْأَمْرُ عَنْ كَذَا يُذْهِلُهُ إِذْهَالًا. وَفِي إِثْبَاتِ الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ: {كُلُّ مُرْضِعَةٍ} [الحج: 2] اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ ,