كَانُوا مُسْلِمِينَ، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى فَكَذَبُوا: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ؛ أَيْ مَضَتْ لِسَبِيلِهَا، فَصَارَتْ إِلَى رَبِّهَا، وَخَلَتْ بِأَعْمَالِهَا وَآمَالِهَا، لَهَا عِنْدَ اللَّهِ مَا كَسَبَتْ مِنْ خَيْرٍ فِي أَيَّامِ حَيَاتِهَا، وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ مِنْ شَرٍّ، لَا يَنْفَعُهَا غَيْرُ صَالِحِ أَعْمَالِهَا، وَلَا يَضُرُّهَا إِلَّا سَيِّئُهَا. فَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ذَلِكَ، فَإِنَّكُمْ إِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ بِهِمْ تَفْتَخِرُونَ وَتَزْعُمُونَ أَنَّ بِهِمْ تَرْجُونَ النَّجَاةَ مِنْ عَذَابِ رَبِّكُمْ مَعَ سَيِّئَاتِكُمْ، وَعَظِيمِ خَطِيئَاتِكُمْ، لَا يَنْفَعُهُمُ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرُ مَا قَدَّمُوا مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ، وَلَا يَضُرُّهُمْ غَيْرُ سَيِّئِهَا؛ فَأَنْتُمْ كَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ لَا يَنْفَعَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرُ مَا قَدَّمْتُمْ مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ، وَلَا يَضُرُّكُمْ غَيْرُ سَيِّئِهَا. فَاحْذَرُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَبَادِرُوا خُرُوجَهَا بِالتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ إِلَى اللَّهِ مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ وَالْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَدَعُوا الْأَنْكَالَ عَلَى فَضَائِلِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، فَإِنَّمَا لَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ، وَعَلَيْكُمْ مَا اكْتَسَبْتُمْ، وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَالْأَسْبَاطُ يَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ، لِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ قَدَمَتْ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّمَا تُسْأَلُ عَمَّا كَسَبَتْ وَأَسْلَفَتْ دُونَ مَا أَسْلَفَ غَيْرُهَا