الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ يَتَّخِذُكَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لَكَ: هَلْ هَذَا إِلَّا بِشْرٌ مِثْلَكُمْ، أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ، إِذْ رَأَوْكَ هُزُوًا وَيَقُولُونَ: هَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ , كُفْرًا مِنْهُمْ بِاللَّهِ، وَاجْتِرَاءً عَلَيْهِ. فَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ رُسُلِنَا الَّذِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ مِنْ قَبْلِكِ إِلَى أُمَمِهِمْ. يَقُولُ: فَوَجَبَ وَنَزَلَ بِالَّذِينَ اسْتَهْزَءُوا بِهِمْ، وَسَخِرُوا مِنْهُمْ مِنْ أُمَمِهِمْ {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الشعراء: 6] . يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: حَلَّ بِهِمُ الَّذِي كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعَذَابِ الَّذِي كَانَتْ رُسُلُهُمْ تُخَوِّفُهُمْ نُزُولَهُ بِهِمْ، {يَسْتَهْزِئُونَ} [الشعراء: 6] : يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، فَلَنْ يَعْدُوَ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَهْزِئُونَ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ أَنْ يَكُونُوا كَأَسْلَافِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ رُسُلَهَا، فَيَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ بِاسْتِهْزَائِهِمْ بِكَ نَظِيرُ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ