القول في تأويل قوله تعالى: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما خلدنا أحدا من بني آدم يا محمد قبلك في الدنيا فنخلدك فيها، ولا بد

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلَكِ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا خَلَّدْنَا أَحَدًا مِنْ بَنِي آدَمَ يَا مُحَمَّدُ قَبْلَكَ فِي الدُّنْيَا فَنُخَلِّدَكَ فِيهَا، وَلَا بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَمُوتَ كَمَا مَاتَ مِنْ قَبْلِكَ رُسُلُنَا يَقُولُ: فَهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِرَبِّهِمْ هُمُ الْخَالِدُونَ فِي الدُّنْيَا بَعْدَكَ؟ لَا، مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ، بَلْ هُمْ مَيِّتُونَ بِكُلِّ حَالٍ عِشْتَ أَوْ مِتَّ فَأُدْخِلَتِ الْفَاءُ فِي (إِنَّ) وَهِيَ جَزَاءٌ، وَفِي جَوَابِهِ , لِأَنَّ الْجَزَاءَ مُتَّصِلٌ بِكَلَامٍ قَبْلَهُ، وَدَخَلَتْ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ {فَهُمُ} [البقرة: 18] لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِلْجَزَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ {فَهُمُ} [البقرة: 18] الْفَاءُ جَازَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَحْذُوفَةً وَهِيَ مُرَادَةٌ. وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا تَقْدِيمُهَا إِلَى الْجَزَاءِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَفْهَمُ الْخَالِدُونَ إِنْ مِتَّ وَقَوْلُهُ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كُلُّ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ مِنْ خَلْقِهِ، مُعَالِجَةٌ غُصَصَ الْمَوْتِ , وَمُتَجَرِّعَةٌ كَأْسَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015