القول في تأويل قوله تعالى: قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: كلكم أيها المشركون بالله متربص يقول: منتظر لمن يكون الفلاح، وإلى ما يئول أمري وأمركم متوقف ينتظر دوائر

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى} [طه: 135] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: كُلُّكُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مُتَرَبِّصٌ يَقُولُ: مُنْتَظِرٌ لِمَنْ يَكُونُ الْفَلَاحُ، وَإِلَى مَا يَئُولُ أَمْرِي وَأَمْرُكُمْ مُتَوَقِّفٌ يَنْتَظِرُ دَوَائِرَ الزَّمَانِ {فَتَرَبَّصُوا} [التوبة: 24] يَقُولُ: فَتَرَقَّبُوا وَانْتَظِرُوا، فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَهْلُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ الْمُعْتَدِلِ الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ إِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَقَامَتِ الْقِيَامَةُ، أَنَحْنُ أَمْ أَنْتُمْ؟ {وَمَنِ اهْتَدَى} [طه: 135] يَقُولُ: وَسَتَعْلَمُونَ حِينَئِذٍ مَنِ الْمُهْتَدِي الَّذِي هُوَ عَلَى سَنَنِ الطَّرِيقِ الْقَاصِدُ غَيْرُ الْجَائِرِ عَنْ قَصْدِهِ مِنَّا وَمِنْكُمْ. وَفِي «مَنْ» مِنْ قَوْلِهِ: {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ} [طه: 135] وَالثَّانِيَةُ مِنْ قَوْلِهِ: {وَمَنِ اهْتَدَى} [طه: 135] وَجْهَانِ: الرَّفْعُ، وَتَرْكُ أَعْمَالِ تَعْلَمُونَ فِيهِمَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: 12] وَالنَّصْبُ عَلَى أَعْمَالِ تَعْلَمُونَ فِيهِمَا، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015