تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} [طه: 119] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، مُخْبِرًا عَنْ قِيلِهِ لِآدَمَ حِينَ أَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ: {إِنَّ لَكَ} [طه: 118] يَا آدَمُ {أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118] . وَ «أَنَّ» فِي قَوْلِهِ {أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا} [طه: 118] فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِنَّ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ لَكَ} [طه: 118] . وَقَوْلُهُ: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا} [طه: 119] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَتِهَا، فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ بِالْكَسْرِ: (وَإِنَّكَ) عَلَى الْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ لَكَ} [طه: 118] . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: وَأَنَّكَ، بِفَتْحِ أَلِفِهَا عَطْفًا بِهَا عَلَى «أَنَّ» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: {أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا} [طه: 118] . وَوَجَّهُوا تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ لَكَ هَذَا وَهَذَا، فَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْرُهُ وَعَدَ ذَلِكَ آدَمَ حِينَ أَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ، فَكَوْنُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى أَنْ لَا تَجُوعَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنَ الصَّوَابِ. وَعَنَى بِقَوْلِهِ: {لَا تَظْمَأُ فِيهَا} [طه: 119] لَا تَعْطَشُ فِي الْجَنَّةِ مَا دُمْتَ فِيهَا {وَلَا تَضْحَى} [طه: 119] يَقُولُ: لَا تَظْهَرُ لِلشَّمْسِ فَيُؤْذِيكَ حَرُّهَا، كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:

[البحر الطويل]

رَأَتْ رَجُلًا أَمَّا إِذَا الشَّمْسُ عَارَضَتْ ... فَيَضْحَى وَأَمَّا بِالْعَشِيِّ فَيَخْصَرُ

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015