حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثني عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثني يُونُسُ وَمَالِكُ بْنُ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا -[33]- إِذَا ذَكَرَهَا، قَالَ اللَّهُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْرَؤُهَا: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] بِمَنْزِلَةِ فِعْلِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِتَذْكُرَنِي فِيهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَرُ مَعْنَيَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ: حِينَ تَذْكُرُهَا، لَكَانَ التَّنْزِيلُ: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِكَهَا. وَفِي قَوْلِهِ: {لِذِكْرِي} [طه: 14] دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قِرَاءَةً مُسْتَفِيضَةً فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ، كَانَ صَحِيحًا تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى: أَقِمِ الصَّلَاةَ حِينَ تَذْكُرُهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ وَجَّهَ بِقِرَاءَتِهِ {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] بِالْأَلِفِ لَا بِالْإِضَافَةِ، إِلَى أَقِمْ لِذِكْرَاهَا، لِأَنَّ الْهَاءَ وَالْأَلِفَ حُذِفَتَا، وَهُمَا مُرَادَتَانِ فِي الْكَلَامِ لِيُوَفَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ رُءُوسِ الْآيَاتِ، إِذْ كَانَتْ بِالْأَلِفِ وَالْفَتْحِ. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ فِي قِرَاءَةِ الزُّهْرِيِّ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْهُ، إِنَّمَا قَصَدَ الزُّهْرِيُّ بِفَتْحِهَا تَصْيِيرَهُ الْإِضَافَةَ أَلِفًا لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُءُوسِ الْآيَاتِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، لِأَنَّهُ خَالَفَ بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَنْ قَرَأَهُ بِالْإِضَافَةِ، وَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]
أُطَوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي ... إِلَى أُمَّا وَيُرْوِينِي النَّقِيعُ
وَهُوَ يُرِيدُ: إِلَى أُمِّي، وَكَقَوْلِ الْعَرَبِ: يَا أَبَا وَأُمَّا، وَهِيَ تُرِيدُ: يَا أَبِي وَأُمِّي، -[34]- كَانَ لَهُ بِذَلِكَ مَقَالٌ