نَصَرُوا نَبِيَّهُمُ وَشَدُّوا أَزْرَهُ ... بِحُنَيْنَ حِينَ تَوَاكَلَ الْأَبْطَالُ

فَلَمْ يَجُرَّ حُنَيْنَ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبَلْدَةِ لَا لِلْوَادِي، وَلَوْ كَانَ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْوَادِي لَأَجْرَاهُ كَمَا قَرَأَتِ الْقُرَّاءُ: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25] وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:

[البحر الوافر]

أَلَسْنَا أَكْرَمَ الثَّقَلَيْنِ رَحْلًا ... وَأَعْظَمَهُمْ بِبَطْنِ حِرَاءَ نَارَا

فَلَمْ يَجُرَّ حِرَاءَ، وَهُوَ جَبَلٌ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبَلْدَةِ، فَكَذَلِكَ «طُوًى» فِي قِرَاءَةِ مَنْ لَمْ يَجُرَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْأَرْضِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: {طُوًى} [طه: 12] بِضَمِّ الطَّاءِ وَالتَّنْوِينِ، وَقَارِئُو ذَلِكَ كَذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْتُ مِنَ اخْتِلَافِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ بِهِ الْمَصْدَرَ مِنْ طَوَيْتُ، فَلَا مُؤْنَةَ فِي تَنْوِينِهِ، وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ اسْمًا لِلْوَادِي، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُنَوِّنُهُ لِأَنَّهُ اسْمُ ذَكَرٍ لَا مُؤَنَّثٍ، وَأَنَّ لَامَ الْفِعْلِ مِنْهُ يَاءٌ، فَزَادَهُ ذَلِكَ خِفَّةً فَأَجْرَاهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [التوبة: 25] إِذْ كَانَ حُنَيْنٌ اسْمَ وَادٍ، وَالْوَادِي مُذَكَّرٌ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَالتَّنْوِينِ، لِأَنَّهُ إِنْ يَكُنِ اسْمًا لِلْوَادِي فَحَظُّهُ التَّنْوِينُ لِمَا ذُكِرَ قَبْلُ مِنَ الْعِلَّةِ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا أَوْ مُفَسِّرًا، فَكَذَلِكَ أَيْضًا حُكْمَهُ التَّنْوِينُ، وَهُوَ عِنْدِي اسْمُ الْوَادِي. وَإِذْ كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015