القول في تأويل قوله تعالى: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا يقول تعالى ذكره: يوم نجمع الذين اتقوا في الدنيا فخافوا عقابه، فاجتنبوا لذلك معاصيه، وأدوا فرائضه إلى ربهم وفدا يعني بالوفد: الركبان. يقال: وفدت على فلان: إذا

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَوْمَ نَجْمَعُ الَّذِينَ اتَّقَوْا فِي الدُّنْيَا فَخَافُوا عِقَابَهُ، -[629]- فَاجْتَنَبُوا لِذَلِكَ مَعَاصِيَهُ، وَأَدَّوْا فَرَائِضَهُ إِلَى رَبِّهِمْ {وَفْدًا} [مريم: 85] يَعْنِي بِالْوَفْدِ: الرُّكْبَانَ. يُقَالُ: وَفَدْتُ عَلَى فُلَانٍ: إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، وَأَوْفَدَ الْقَوْمُ وَفْدًا عَلَى أَمِيرِهِمْ، إِذَا بَعَثُوا مَنْ قِبَلَهُمْ بَعْثًا. وَالْوَفْدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ، وَلَكِنَّهُ وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ مَصْدَرُ وَاحِدِهِمْ وَافِدٌ، وَقَدْ يُجْمَعُ الْوَفْدُ: الْوُفُودَ، كَمَا قَالَ بَعْضُ بَنِي حَنِيفَةَ:

[البحر الكامل]

إِنِّي لَمُمْتَدِحٌ فَمَا هُوَ صَانِعٌ ... رَأْسُ الْوُفُودِ مُزَاحِمُ بْنُ جِسَاسِ

وَقَدْ يَكُونُ الْوُفُودُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ جَمْعُ وَافِدٍ، كَمَا الْجُلُوسُ جَمْعُ جَالِسٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015