الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ} [البقرة: 80] يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْغُونَ عَنَتَكَ وَيُجَادِلُونَكَ بِالْبَاطِلِ، وَيُحَاوِرُونَكَ بِالْمَسَائِلِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ: الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ} [الكهف: 103] أَيُّهَا الْقَوْمُ {بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} [الكهف: 103] يَعْنِي بِالَّذِينَ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي عَمَلٍ يَبْغُونَ بِهِ رِبْحًا وَفَضْلًا، فَنَالُوا بِهِ عَطَبًا وَهَلَاكًا وَلَمْ يُدْرِكُوا طَلَبًا، كَالْمُشْتَرِي سِلْعَةً يَرْجُو بِهَا فَضْلًا وَرِبْحًا، فَخَابَ رَجَاؤُهُ وَخَسِرَ بَيْعُهُ، وَوُكِسَ فِي الَّذِي رَجَا فَضْلَهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ الرُّهْبَانُ وَالْقُسُوسُ