مِنَ الْأُمُورِ أَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، إِلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَلَغَنَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وَعَدَ سَائِلِيهِ عَنِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ اللَّوَاتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى، اللَّوَاتِي إِحْدَاهُنَّ الْمَسْأَلَةُ عَنْ أَمْرِ الْفِتْيَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ أَنْ يُجِيبَهُمْ عَنْهُنَّ غَدَ يَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ، فَاحْتُبِسَ الْوَحْي عَنْهُ فِيمَا قِيلَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ خَمْسَ عَشْرَةَ، حَتَّى حَزَّنَهُ إِبْطَاؤُهُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَوَّابَ عَنْهُنَّ، وَعَرَفَ نَبِيَّهُ سَبَبَ احْتِبَاسِ الْوَحْيِ عَنْهُ، وَعَلَّمَهُ مَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي عِدَاتِهِ وَخَبُرُهُ عَمَّا يَحْدُثُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ يَأْتِهِ مِنَ اللَّهِ بِهَا تَنْزِيلٌ، فَقَالَ: {وَلَا تَقُولَنَّ} [الكهف: 23] يَا مُحَمَّدُ {لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] كَمَا قُلْتَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَأَلُوكَ عَنْ أَمْرِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَالْمَسَائِلِ الَّتِي سَأَلُوكَ عَنْهَا، سَأُخْبِرُكُمْ عَنْهَا غَدًا {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111] . وَمَعْنَى الْكَلَامِ: إِلَّا أَنْ تَقُولَ مَعَهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَتَرْكُ ذِكْرَ تَقُولُ اكْتِفَاءً بِمَا ذُكِرَ مِنْهُ، إِذْ كَانَ فِي الْكَلَامِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015