الْيَدِ إِلَّا فَتْحَ الْفَاءِ وَكَسْرَ الْمِيمِ. وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَحْكِي فِيهِمَا، أَعِنِّي فِي مِرْفَقِ الْأَمْرِ وَالْيَدِ اللُّغَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، وَكَانَ يُنْشِدُ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
[البحر الرجز]
بِتُّ أُجَافِي مِرْفَقًا عَنْ مِرْفَقِي
وَيَقُولُ: كَسْرُ الْمِيمِ فِيهِ أَجْوَدُ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} [الكهف: 16] شَيْئًا تَرْتَفِقُونَ بِهِ مِثْلَ الْمِقْطَعِ، وَمَرْفِقًا جَعَلَهُ اسْمًا كَالْمَسْجِدِ، وَيَكُونُ لُغَةً، يَقُولُونَ: رَفَقَ يَرْفُقُ مَرْفَقًا، وَإِنْ شِئْتَ مَرْفَقًا تُرِيدُ رِفْقًا وَلَمْ يُقْرَأْ. وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ. فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: «وَيُهَيِّئُ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَرْفَقًا» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْعِرَاقِ فِي الْمِصْرَيْنِ {مِرْفَقًا} [الكهف: 16] بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قُرَّاءٌ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ. غَيْرَ أَنَّ الْأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الَّذِي أَخْتَارُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ: {وَيُهَيِّئُ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} [الكهف: 16] بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْصَحُ اللُّغَتَيْنِ وَأَشْهَرُهُمَا فِي الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا ارْتُفِقَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ