مَنْطِقِهَا بِبَعْضٍ مِنْ بَعْضٍ إِذَا كَانَ الْبَعْضُ الظَّاهِرُ دَالًا عَلَى الْبَعْضِ الْبَاطِنِ وَكَافِيًا مِنْهُ، فَقَوْلُهُ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَادَهُ بِمَسْأَلَتِهِ الْمَعُونَةَ وَطَلَبِهِمْ مِنْهُ الْهِدَايَةَ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ لَمَّا كَانَ مُتَقَدِّمًا قَوْلَهُ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] الَّذِي هُوَ إِبَانَةٌ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَإِبْدَالٌ مِنْهُ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ النِّعْمَةَ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى مَنْ أُمِرْنَا بِمَسْأَلَتِهِ الْهِدَايَةِ لِطَرِيقِهِمْ هُوَ الْمِنْهَاجُ الْقَوِيمُ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي قَدْ قَدَّمْنَا الْبَيَانَ عَنْ تَأْوِيلِهِ آنِفًا، فَكَانَ ظَاهِرُ مَا ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ مَعَ قُرْبِ تَجَاوُرِ الْكَلِمَتَيْنِ مُغْنِيًا عَنْ تَكْرَارِهِ كَمَا قَالَ نَابِغَةُ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الوافر]
كَأَنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيْشٍ ... يُقَعْقِعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
يُرِيدُ كَأَنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيْشٍ جَمَلٌ يُقَعْقِعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنٍّ، فَاكْتَفَى بِمَا ظَهَرَ مِنْ ذِكْرِ الْجِمَالِ الدَّالِّ عَلَى الْمَحْذُوفِ مِنْ إِظْهَارِ مَا حُذِفَ. وَكَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ بْنُ غَالِبٍ:
[البحر الوافر]
تَرَى أَرْبَاقَهُمْ مُتَقَلِّدِيهَا ... إِذَا صَدِئَ الْحَدِيدُ عَلَى الْكُمَاةِ