أُولُو الْبَأْسِ الشَّدِيدِ الَّذِينَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وُجُوهَكُمْ، وَاسْتَشْهَدَ قَارِئُو ذَلِكَ لِصِحَّةِ قِرَاءَتِهِمْ كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ {وَلْيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ} [الإسراء: 7] وَقَالُوا: ذَلِكَ خَبَرٌ عَنِ الْجَمِيعِ فَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُ {لِيَسُوءُوا} وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (لِيَسُوءَ وُجُوهَكُمْ) عَلَى التَّوْحِيدِ وَبِالْيَاءِ. وَقَدْ يَحْتَمِلَ ذَلِكَ وَجْهَيْنِ مِنَ التَّأْوِيلَ: أَحَدُهُمَا مَا قَدْ ذَكَرْتُ، وَالْآخَرُ مِنْهُمَا: لِيَسُوءَ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ. فَمَنْ وَجَّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ إِلَى لِيَسُوءَ مَجِيءُ الْوَعْدِ وُجُوهَكُمْ، جَعَلَ جَوَّابَ قَوْلِهِ «فَإِذَا» مَحْذُوفًا، وَقَدِ اسْتُغْنِيَ بِمَا ظَهَرَ عَنْهُ، وَذَلِكَ الْمَحْذُوفُ «جَاءَ» ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ تَأْوِيلُهُ: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءَ وُجُوهَكُمْ جَاءَ. وَمَنْ وَجَّهَ تَأْوِيلَهُ إِلَى: لِيَسُوءَ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ، كَانَ أَيْضًا فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ، قَدِ اسْتُغْنِيَ هُنَا عَنْهُ بِمَا قَدْ ظَهَرَ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَحْذُوفَ سِوَى «جَاءَ» ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ بَعَثْنَاهُمْ لِيَسُوءَ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ، فَيَكُونُ الْمُضْمَرُ بَعَثْنَاهُمْ، وَذَلِكَ جَوَابُ «إِذَا» حِينَئِذٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ: «لِنَسُوءَ وُجُوهَكُمْ» عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَكَانَ مَجِيءُ وَعْدِ الْمَرَّةِ الْآخِرَةِ عِنْدَ قَتْلِهِمْ يَحْيَى. ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ وَالْخَبَرِ عَمَّا جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حِينَئِذٍ كَمَا: