الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ادْعُ} [البقرة: 68] يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَرْسَلَكَ إِلَيْهِ رَبُّكَ بِالدُّعَاءِ إِلَى طَاعَتِهِ {إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: 125] يَقُولُ: إِلَى شَرِيعَةِ رَبِّكَ الَّتِي شَرَعَهَا لِخَلْقِهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ {بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125] يَقُولُ بِوَحْيِ اللَّهِ الَّذِي يُوحِيهِ إِلَيْكَ وَكِتَابِهِ الَّذِي يُنْزِلُهُ عَلَيْكَ {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125] يَقُولُ: وَبِالْعِبَرِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِ، وَذَكَّرَهُمْ بِهَا فِي تَنْزِيلِهِ، كَالَّتِي عَدَّدَ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ حُجَجِهِ، وَذَكَّرَهُمْ فِيهَا مَا ذَكَّرَهُمْ مِنْ آلَائِهِ {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] يَقُولُ: وَخَاصِمْهُمْ بِالْخُصُومَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهَا، أَنْ تَصْفَحَ عَمَّا نَالُوا بِهِ عِرْضِكَ مِنَ الْأَذَى، وَلَا تَعْصِهِ فِي الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ عَلَيْكَ مِنْ تَبْلِيغِهِمْ رِسَالَةَ رَبِّكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ