الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ، وَالدَّمَ، وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 115] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُكَذِّبًا الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُحَرِّمُونَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْبَحَائِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَّا الْمَيْتَةَ، وَالدَّمَ، وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَمَا ذُبِحَ لِلْأَنْصَابِ فَسُمِّيَ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ ذَبَائِحِ مَنْ لَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَبِيحَتِهِ، فَمَنْ اضْطُرَّ إِلَى ذَلِكَ أَوْ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ لِمَجَاعَةٍ حَلَّتْ فَأَكَلَهُ {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 115] يَقُولُ: ذُو سَتْرٍ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَاخِذَهُ بِأَكْلِهِ ذَلِكَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، رَحِيمٌ بِهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَيْهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي قَوْلِهِ: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173] وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ