القول في تأويل قوله تعالى: فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا، واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون يقول تعالى ذكره: فكلوا أيها الناس مما رزقكم الله من بهائم الأنعام التي أحلها لكم حلالا طيبا مذكاة غير محرمة عليكم واشكروا نعمة الله يقول: واشكروا الله

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا، وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَكُلُوا أَيُّهَا النَّاسُ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ مِنْ بَهَائِمِ الْأَنْعَامِ الَّتِي أَحَلَّهَا لَكُمْ حَلَالًا طَيِّبًا مُذَكَّاةً غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْكُمْ {وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ} يَقُولُ: وَاشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ فِي تَحْلِيلِهِ مَا أَحَلَّ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِهِ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172] يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَتُطِيعُونَهُ فِيمَا يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا} [النحل: 114] طَعَامًا كَانَ بَعَثَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِهِ فِي سِنِيِّ الْجَدْبِ وَالْقَحْطِ رِقَّةً عَلَيْهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُشْرِكِينَ: فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ مِنْ هَذَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ إِلَيْكُمْ حَلَالًا طَيِّبًا، وَذَلِكَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ مِمَّا يَدُلُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015