القول في تأويل قوله تعالى: ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون. وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، إن ربكم لرءوف رحيم يقول تعالى ذكره: ولكم في هذه الأنعام والمواشي التي خلقها لكم جمال حين تريحون يعني: تردونها بالعشي من مسارحها

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَكُمْ فِي هَذِهِ الْأَنْعَامِ وَالْمَوَاشِي الَّتِي خَلَقَهَا لَكُمْ {جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ} [النحل: 6] يَعْنِي: تَرُدُّونَهَا بِالْعَشِيِّ مِنْ مَسَارِحِهَا إِلَى مَرَاحِهَا وَمَنَازِلِهَا الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمَكَانُ الْمَرَاحُ، لِأَنَّهَا تُرَاحُ إِلَيْهِ عَشِيًّا فَتَأْوِي إِلَيْهِ، يُقَالُ مِنْهُ: أَرَاحَ فُلَانٌ مَاشِيَتَهُ فَهُوَ يَرِيحُهَا إِرَاحَةً. وَقَوْلُهُ: {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6] يَقُولُ: وَفِي وَقْتِ إِخْرَاجِكُمُوهَا غُدْوَةً مِنْ مَرَاحِهَا إِلَى مَسَارِحِهَا، يُقَالُ مِنْهُ: سَرَّحَ فُلَانٌ مَاشِيَتَهُ يُسَرِّحُهَا تَسْرِيحًا، إِذَا أَخْرَجَهَا لِلرَّعْيِ غُدْوَةً، وَسَرَحَتِ الْمَاشِيَةُ: إِذَا خَرَجَتْ لِلْمَرْعَى تَسْرَحُ سَرْحًا وَسُرُوحًا، فَالسَّرْحُ بِالْغَدَاةِ وَالْإِرَاحَةُ بِالْعَشِيِّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

[البحر الطويل]

كَأَنَّ بَقَايَا الْأُتْنِ فَوْقَ مُتُونِهِ ... مَدَبُّ الدَّبَى فَوْقَ النَّقَا وَهُوَ سَارِحُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015